بحث

Enter your email address:

Delivered by FeedBurner

الأحد، 2 يونيو 2013

كارثة تشيرنوبل

كانت تلك الحادثة من و ما نتج عنها بمثابة نقطة تحول جدية في تاريخ الصناعة النووية في العالم. بدأت أحداث تلك الكارثة في الساعات الأولى من يوم السبت 26 أبريل، 1986. حيث كان ما يقرب من 200 موظف يعملون في مفاعل الطاقة النووي Chernobyl NPP ، كانوا يجرون بعض الاختبارات على وحدات المفاعل (1،2،3) كما كان يتم إجراء تجربة أخرى في الوحدة الرابعة التي قادت لأبشع كارثة إشعاعية تقنية حدثت في التاريخ البشري . بالإضافة إلى أن 300 عامل كانوا يعملون في الوردية الليلية لبناء و حدتين إضافيتين (56) تبعد كيلو مترا واحداً عن الوحدات الأخرى . كان بعض العمال يجرون اختباراً في الوحدة الرابعة و كإجراء روتيني كان بعض طاقم العمل في مفاعل الطاقة النووي (تشرنوبل وحدة رقم 4) يحاولون معرفة كم ستستمر التوربينات في العمل و إمداد المفاعل بالطاقة في حين انقطع منبع التيار الكهربائي الرئيس. بعض الاختبارات المشابهة أجريت من قبل على «تشرنوبل» و على بعض المصانع الأخرى ، و على الرغم من أن تلك المصانع تعرف بأنها عند انخفاض الطاقة فيها تصبح في حالة عدم استقرار خطيرة . نتج عن تلك التجربة خطأ أدى إلى مالا يحمد عقباه. انصهار النواة في حوالي الساعة 24:1 بتوقيت موسكو ، و نتيجة لازدياد الطاقة و الضغط على المفاعل بسبب ما قام به عمال المصنع ؛ ارتفعت درجة حرارة المفاعل لتتسبب في صهر نواة المفاعل، و لذلك السبب ، حدث انفجار هائل في مبنى المفاعل رقم 4 ، تلاه بثوانٍ معدودة انفجار آخر . تسبب الانفجاران في تدمير سقف المفاعل و قذفا قطعا من مبنى المفاعل الأسمنتية خارجه ، كما تطايرت مواد الجرافيت مع قطع أخرى من المفاعل في الهواء. ترك ذلك الانفجار ثقباً في بناء المفاعل معرضا نواته للهواء الخارجي . شبت النيران في ال«جرافيت» المحيط بنواة المفاعل ، كما اشتعلت في السطح الرابط بين مبنى التوربين و سقف الوحدة رقم (3) ، و ارتفع الدخان المتصاعد من المفاعل حوالي كيلو متر واحد في الهواء حاملا معه وقود اليورانيوم و كذلك ال«الترانزيورانيوم» إضافة إلى بقية المواد الإنشطارية التي خرجت من نواة المفاعل . بالإضافة إلى بقية الغازات العادية الأخرى ، سقطت الأجزاء الثقيلة الناتجة عن الانفجار قريبا من موقع المفاعل ، في حين أن الجزئيات الخفيفة طارت مع السحابة الإشعاعية شمال شرق المفاعل لتلوث كل ما تحط عليه ، أما الأجزاء الأكثر خفة فقد ارتفعت في الهواء كيلو متراً واحداً بسبب حرارة الانفجار ثم اتجهت إلى الشمال الشرقي من موقع المفاعل. إنذار متأخر أُطلقت في ذلك الوقت صفارات الإنذار معلنة حالة التأهب والخطر، و في دقائق ، و صلت فرق الإطفاء الخاصة بالمصنع لإخماد النيران المشتعلة . و للأسف ، فلم يتلق أحد من رجال الإطفاء الذين شاركوا في إخماد النيران أي تدريب مسبق للتعامل مع المواد ذات النشاط الإشعاعي الناتجة عن المفاعلات النووية .

و عند حلول فجر يوم السبت ، تمكن رجال الإطفاء الذين زاد عددهم عن ال100 من إخماد الحريق في سقف المفاعل ، و عند الخامسة تماما ، تم إطفاء النار في جميع الأمكنة ما عدا النيران المشتعلة في مادة ال«جرافيت» داخل نواة المفاعل . تمكن رجال الإطفاء من إنقاذ بعض عمال المصنع حيث لم يكن طاقم الموظفين المشتغلين في المصنع حذرين من خطورة الإشعاع ، فاستخدمت مروحيات ال«هيلوكبتر» في إخماد النار و ذلك بسكب كميات كبيرة من الرمال و الطين على المفاعل . أما بالنسبة للوحدات الأخرى ، فقد أغلقت الوحدة رقم (3) بعد ساعة و نصف من وقوع الحادث كما أُغلقت الوحدتان (1) و (2) بعد أربع و عشرين ساعة من وقوع الحادث . قتل في ذلك الحادث ثلاثون من عمال المصنع و أصيب الكثير بجروح خطيرة، كما تلقى الناجون من الانفجار جرعات كبيرة من الإشعاعات كانت سببا في إصابة الكثير منهم بسرطان الغدة الدرقية و بعض الأمراض في العضلات و الأعصاب و غيرها. أشد من قنبلة «هيروشيما» كانت نسبة الإشعاعات التي أصابت المنطقة أكثر بـ200 مرة من الإشعاعات التي نتجت عن القنبلة الذرية التي سقطت على هيروشيما و ناجازاكي . حيث لم تتمكن أجهزة قياس مستوى الإشعاع المتوفرة حينئذ من قياس نسبة الإشعاع الصادرة عن المفاعل ، بالإضافة إلى أن مستوى الإشعاع قد تجاوز (100 Gy.h1) في بعض الأماكن القريبة من المفاعل و التي تعد درجة مرتفعة جدا. لم يدرك رجال الإطفاء خطورة المواد المشعة الناتجة عن الانفجار ، حيث كانت أكثر الخسائر في تلك الحادثة بين رجال الإطفاء الذين شاركوا في إخماد الحريق ، و خصوصا أولئك الذين شاركوا في الساعات الأولى لإخماد الحريق. كانت المهمة الأخطر بعد إخماد الحريق هي تنظيف المفاعل من المواد نشيطة الإشعاع التي خرجت من المفاعل . شارك في عملية التنظيف ما يقرب من 000 ،200 شخص من جميع أنحاء (الاتحاد السوفيتي سابقا) و الذين أُطلق عليهم بعد ذلك بال«مصفين» (liquidators). تلقى ال«مصفين» جرعات عالية من الإشعاع تصل إلى (100 mSv) ، حيث تلقى 000 ،20 منهم جرعات إشعاعية تصل إلى (250 mSv)، في حين أن القليل تلقوا (500 mSv) . ارتفع عدد ال«ليكويديتوريين» بعد ذلك ليصل ل000 ،600 تلقى أكثرهم نسب منخفضة من الإشعاع. كانت تلك الأشعة خطرة للغاية، فقد تسببت في قتل الأشجار و الحيوانات في حدود 6 أميال من موقع المفاعل . كما أن عدد الذين ماتوا من العمال المشاركين في عمليات التنظيف وصل إلى ما يقرب من 000 4 إضافة إلى أن 000 ،70 آخرين أصيبوا بأمراض خطيرة ناتجة عن الإشعاعات التي تلقوها. تم إبلاغ السلطات في موسكو بالحادثة في نفس اليوم ، حيث أرسل فريق من المختصين على الفور للمنطقة لمساعدة الهيئات المحلية و إدارة المصنع في التعامل مع الموقف. و عند وصول الفريق المختص للموقع ، و جدوا أن الوضع أخطر مما توقعوا ، و كان أول قرار اتخذوه هو تنبيه سكان مدينة «بريبيات» للاستعداد لإخلاء المدينة في حال طلب منهم ذلك. و في صباح يوم السبت ، أعطيت التعليمات للسكان بالبقاء في المنازل و عدم الخروج منها و إغلاق الأبواب و النوافذ جيدا و ذلك لحمايتهم من الأشعة السامة الناتجة عن المفاعل . و لذلك ، فقد تم توزيع بعض الأدوية للسكان في المناطق المحيطة بموقع الحادثة. و في وقت متأخر من يوم السبت ، تم قياس نسبة الإشعاع في مدينة «بريبيات» حيث وجد أنها قد ارتفعت كثيرا بحيث وصلت لدرجة خطيرة ، و لذا كان من الضروري إخلاء جميع السكان من المدينة ، و قد تم ذلك. إخلاء مدينة «بريبيات» في ظهيرة اليوم التالي لوقوع الحادثة ، أذيع بلاغ رسمي يدعو جميع سكان مدينة «بريبيات» لحزم أمتعتهم و أخذ مؤونة تكفيهم ثلاثة أيام و ذلك استعدادا لمغادرة المدينة عند الساعة 00:14. حضرت 1200 حافلة لنقل السكان . استغرقت عملية إخلاء السكان من المناطق التي تبعد 30 كم عدة أيام ، حيث تم إخلاء 000 ،115 شخص. ماذا بعد «تشرنوبل» هز خبر انفجار مفاعل الطاقة النووي «تشرنوبل» دول العالم ، فقد كان أعظم حدث مدمر في تاريخ صناعة الطاقة النووية. و كان له تأثير بالغ على الحياة و الصحة و البيئة في أوكرانيا و روسيا البيضاء و روسيا الاتحادية ، فقد أثار المخاوف و القلق من تأثير الإشعاعات للعديد من الدول الأخرى القريبة ، كما كان نقطة تحول جادة لإدراك خطورة مثل تلك المشاريع النووية. اثر الحادث في المقام الأول على سكان أوكرانيا حيث قدر عدد المصابين بسرطان الغدة الدرقية نتيجة للتسرب الإشعاعي في تلك الدولة بـ4 ،3 مليون حالة. إن تقدير عدد الموتى بسبب تلك الكارثة ليس بالأمر اليسير ، حيث تقول بعض الإحصاءات إن عدد الوفيات وصل إلى 000 ،32 شخص . كما أن هناك العديد من التقديرات تشير إلى أن عدد الوفيات كان أعلى من هذا الرقم ، و هناك الكثير من التقديرات الأخرى التي تشير إلى أقل من ذلك ! أما إجمالي فاتورة الخسائر الاقتصادية للدول الأكثر تأثرا بحادثة «تشرنوبل» فقد تتجاوز الـ300 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2015. أصبح من المعروف اليوم أن حادثة تشرنوبل تسببت في ارتفاع رهيب للاصابة بسرطان الغدة الدرقية لدى سكان الدول الثلاث (روسيا البيضاء، روسيا الاتحادية ، أوكرانيا ) والمحيطة بالمفاعل ، حيث ارتفع معدل الإصابة بسرطان الغدة الدرقية عند الأطفال في المناطق المعرضة للإشعاع بدرجات عالية و خصوصا من كانوا أقل من ثلاث سنوات في ذلك الوقت ، و يعود السبب في ذلك إلى استنشاقهم مادة ال(iodine) نشيطة الإشعاع ، أو أنهم قد شربوا من حليب الأبقار التي أكلت من الأعشاب الملوثة بالمواد الإشعاعية. تشرنوبل لم و لن ينتهي تأثيرها في وقت قريب ، فستواصل الأشعة الصادرة عنها سيرها لتؤثر على صحة الأبناء المولودين من آباء مصابين. هذه حادثة تشرنوبل .. هل تكون الأخيرة في عصر بلغ عدد المفاعلات النووية فيه أكثر من 400 مفاعل نووي في أنحاء المعمورة

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More